الصحة تاج على رؤوس الاصحاء لا يراه الا المرضى

🧬السكري من النوع الخامس والصيام التطوعي (MODY 5)🌙

تعرف على السكري من النوع الخامس (MODY 5) وتأثيره على الصحة الأيضية. اكتشف كيف يمكن للصيام التطوعي 🌿 أن يساهم في تحسين تنظيم السكر وتحفيز الأوتوفاجي 🔬 بشكل آمن، خاصة في المجتمعات منخفضة الموارد.

د جسن الوراقي

7/8/2025

تعرف على السكري من النوع الخامس (MODY 5) وتأثيره على الصحة الأيضية. اكتشف كيف يمكن للصيام التطوعي 🌿
تعرف على السكري من النوع الخامس (MODY 5) وتأثيره على الصحة الأيضية. اكتشف كيف يمكن للصيام التطوعي 🌿

🧬السكري من النوع الخامس والصيام التطوعي (MODY 5)🌙







تعرف على السكري من النوع الخامس (MODY 5) وتأثيره على الصحة الأيضية. اكتشف كيف يمكن للصيام التطوعي 🌿 أن يساهم في تحسين تنظيم السكر وتحفيز الأوتوفاجي 🔬 بشكل آمن، خاصة في المجتمعات منخفضة الموارد.


نهج آمن للصحة الأيضية في المجتمعات منخفضة الموارد


I. مقدمة: تحول تاريخي في فهم مرض السكري


أهمية الاعتراف بالسكري من النوع الخامس (Type 5 Diabetes)

يمثل الاعتراف الرسمي بالسكري من النوع الخامس (Type 5 Diabetes) من قبل الاتحاد الدولي للسكري (IDF) في أبريل 2025، خلال مؤتمر العالم للسكري في بانكوك بتايلاند، لحظة محورية في فهم وإدارة مرض السكري على مستوى العالم.


هذا الاعتراف لا يقتصر على مجرد تصنيف جديد، بل هو خطوة مهمة نحو معالجة أزمة صحية طالما تم تجاهلها.

أن "السكري المرتبط بسوء التغذية كان تاريخياً يعاني من نقص كبير في التشخيص وسوء الفهم".


يُقدر أن هذا النوع من السكري يؤثر على ما بين 20 إلى 25 مليون شخص حول العالم، ويتركز بشكل أساسي في آسيا وأفريقيا. إن حقيقة أن هذا المرض، الذي يقارب انتشاره انتشار فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز ويفوق انتشار السل، قد ظل بلا اسم أو اهتمام كافٍ، تبرز حجم الإهمال الذي تعرض له.

إن هذا الاعتراف الجديد، الذي يأتي بعد سحب منظمة الصحة العالمية تصنيفها السابق للسكري المرتبط بسوء التغذية في عام 1999 بسبب "نقص الأدلة" ، يشير إلى إعادة تقييم حاسمة للفهم العلمي السابق.

هذا التطور يعكس الطبيعة الديناميكية للمعرفة الطبية وتأثير البحث المستمر والدعوة في تصحيح الأخطاء التاريخية، خاصةً فيما يتعلق بالحالات التي تؤثر على الفئات السكانية المهمشة.

إنها خطوة نحو تحقيق العدالة الصحية وضمان حصول الملايين على الرعاية المناسبة التي حرموا منها طويلاً.


نظرة عامة موجزة على الأنواع الرئيسية للسكري


مرض السكري هو حالة طبية معقدة تتخذ أشكالاً عديدة، وتختلف في أسبابها وآلياتها الفسيولوجية وطرق علاجها.


لفهم السياق الذي يظهر فيه السكري من النوع الخامس، من المهم مراجعة الأنواع الرئيسية المعروفة:


السكري من النوع الأول (Type 1 Diabetes):


هو حالة مناعية ذاتية تحدث عندما يهاجم الجهاز المناعي للجسم خلايا بيتا المنتجة للأنسولين في البنكرياس ويدمرها، مما يؤدي إلى نقص مطلق في الأنسولين.

هذا النوع لا يرتبط بالنظام الغذائي أو نمط الحياة، ويتطلب علاجاً مدى الحياة بحقن الأنسولين.


السكري من النوع الثاني (Type 2 Diabetes):


هو الشكل الأكثر شيوعاً، حيث يصيب حوالي 90% من مرضى السكري حول العالم. يحدث هذا النوع عندما لا يعمل الأنسولين الذي ينتجه البنكرياس بشكل صحيح (مقاومة الأنسولين)، أو عندما لا ينتج البنكرياس ما يكفي من الأنسولين.

غالباً ما يرتبط بارتفاع مؤشر كتلة الجسم (BMI) وعوامل نمط الحياة، ويمكن إدارته بتغييرات في نمط الحياة والأدوية الفموية، وقد يتطلب الأنسولين في بعض الحالات.



سكري الحمل (Gestational Diabetes):


يتطور هذا النوع أثناء الحمل، عادةً بين الأسبوعين 24 و 28، ويصيب النساء اللاتي لم يكن لديهن سكري من قبل


يحدث بسبب التغيرات الهرمونية التي تقلل من حساسية الجسم للأنسولين، وعادة ما يختفي بعد الولادة

يُعالج باتباع نظام غذائي صحي وممارسة النشاط البدني، أو أحياناً الأدوية أو حقن الأنسولين



II. السكري من النوع الخامس: تعريف شامل وخصائص مميزة


الاعتراف الرسمي والتسمية

تم الاعتراف بالسكري من النوع الخامس رسمياً من قبل الاتحاد الدولي للسكري (IDF) في أبريل 2025. يُعرف هذا النوع أيضاً باسم "السكري المرتبط بسوء التغذية" (Malnutrition-Related Diabetes - MRDM) أو "سكري نقص الأنسولين الشديد" (Severe Insulin-Deficient Diabetes - SIDD). MODY 5


يؤكد هذا الاعتراف على التزام عالمي بمعالجة هذه الحالة الصحية.

وقد قام الاتحاد الدولي للسكري بتشكيل مجموعة عمل متخصصة لتطوير معايير تشخيصية وإرشادات علاجية رسمية لهذا النوع من السكري.


الانتشار والديموغرافيا


يُقدر أن السكري من النوع الخامس يؤثر على ما بين 20 إلى 25 مليون شخص حول العالم، مع تركز كبير في آسيا وأفريقيا.

يؤثر هذا النوع بشكل أساسي على المراهقين والشباب النحفاء الذين يعانون من سوء التغذية في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل، وغالباً ما يتميزون بمؤشر كتلة جسم (BMI) أقل من 19 كجم/م².

إن هذا التركيز الديموغرافي الواضح للسكري من النوع الخامس في البلدان ذات الدخل المنخفض بين الأفراد النحفاء الذين يعانون من سوء التغذية يسلط الضوء على ارتباطه العميق بالمحددات الاجتماعية للصحة، مثل الفقر وانعدام الأمن الغذائي.

هذا الوضع يضع السكري من النوع الخامس ليس فقط كتحدٍ طبي، بل كقضية حرجة في مجال العدالة الصحية العالمية تتطلب تدخلات متكاملة في الصحة العامة والتنمية إلى جانب الرعاية السريرية.


الأسباب والميكانيزمات

السبب الرئيسي للسكري من النوع الخامس هو سوء التغذية المزمن، خاصة خلال مراحل النمو الحرجة مثل الطفولة أو المراهقة.

يُعتقد أن هذا النقص الغذائي المزمن يؤدي إلى تطور غير طبيعي أو غير مكتمل للبنكرياس، مما ينتج عنه خلل شديد في قدرته على إنتاج الأنسولين الكافي.


يختلف السكري من النوع الخامس بشكل جوهري عن النوع الأول (الذي يرتبط بالهجوم المناعي الذاتي على خلايا البنكرياس) وعن النوع الثاني (الذي يتميز بمقاومة الأنسولين أو السمنة).

فمرضى السكري من النوع الخامس يعانون من نقص في الأنسولين، ولكنهم لا يعانون من مقاومة الأنسولين.

إن هذا التمييز الفسيولوجي المرضي الأساسي – أي ضعف تطور البنكرياس وخلل إفراز الأنسولين العميق بسبب نقص التغذية المزمن – يُحدث ثورة في النهج العلاجي.

هذا الفهم يستلزم الابتعاد عن علاجات السكري من النوع الأول أو الثاني القياسية، حيث أن جرعات الأنسولين العالية، على سبيل المثال، قد تكون خطيرة على هؤلاء المرضى النحفاء الذين يعانون غالباً من انعدام الأمن الغذائي، مما قد يؤدي إلى انخفاض خطير في سكر الدم (نقص سكر الدم).


الخصائص السريرية والأيضية المميزة


يتميز السكري من النوع الخامس بنقص حاد في إفراز الأنسولين، مما يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم.


على عكس السكري من النوع الأول، فإن مرضى السكري من النوع الخامس عادةً لا يصابون بالكيتونوريا أو الحماض الكيتوني، على الرغم من ارتفاع مستويات السكر في الدم واحتياجهم غالباً لكميات كبيرة من الأنسولين.


عند مقارنة الخصائص الأيضية لمرضى السكري من النوع الخامس بمرضى السكري من النوع الثاني، يظهر لديهم انخفاض في إفراز الأنسولين الكلي، وانخفاض في إنتاج الجلوكوز الداخلي، وارتفاع في امتصاص الجلوكوز.

كما يظهر لديهم مستويات أقل من الدهون الحشوية والدهون الكبدية مقارنة بمرضى السكري من النوع الثاني.

الأعراض الشائعة للسكري من النوع الخامس تتشابه مع أعراض أنواع السكري الأخرى، وتشمل العطش الشديد، كثرة التبول، التعب الشديد، فقدان الوزن غير المبرر، ضعف العضلات، وعدم وضوح الرؤية.


إن هذه البصمة الأيضية الفريدة – التي تجمع بين نقص الأنسولين العميق مع غياب الكيتوزية وانخفاض الدهون الحشوية – تتحدى التصنيف الثنائي التقليدي لمرض السكري.

يشير هذا الملف الشخصي المميز إلى طيف دقيق من اختلالات الأيض حيث يلعب الحرمان الغذائي المزمن دوراً أساسياً وفريداً، مما يستلزم مقاربات تشخيصية متخصصة تتجاوز المؤشرات القياسية للنوع الأول والثاني.


التشخيص الخاطئ والتداعيات السابقة


تاريخياً، كان السكري من النوع الخامس غالباً ما يُشخص بشكل خاطئ على أنه سكري من النوع الأول أو الثاني، مما أدى إلى خطط علاج غير مناسبة وربما خطيرة.


يمكن أن تكون جرعات الأنسولين القياسية، التي تُستخدم عادةً للنوع الأول أو الحالات الشديدة من النوع الثاني، قاتلة لمرضى النوع الخامس، حيث تسبب انخفاضاً خطيراً في سكر الدم (نقص سكر الدم) وقد تؤدي إلى الوفاة.


لقد تم تجاهل هذه الحالة إلى حد كبير في الأدبيات العلمية والمناقشات الصحية العالمية لأنها تؤثر بشكل أساسي على "الفئات الفقيرة والمنسية صحياً" في البلدان منخفضة الدخل.


إن هذا التشخيص الخاطئ والإهمال التاريخي، الناجم عن تأثيره غير المتناسب على المجتمعات المهمشة، يمثل فشلاً نظامياً عميقاً في العدالة الصحية العالمية.


لم يؤد هذا النقص في الاهتمام إلى نتائج سريرية مدمرة فحسب، بما في ذلك متوسط عمر متوقع يقل عن عام واحد بعد التشخيص لبعض المرضى ، بل أعاق أيضاً الفهم العلمي لآلية فسيولوجية مرضية متميزة، مما أخر الأبحاث المناسبة والتدخلات المستهدفة لعقود.


التداعيات المحتملة في الدول ذات الدخل المرتفع

على الرغم من أن السكري من النوع الخامس منتشر بشكل أساسي في البيئات منخفضة الدخل، إلا أن الوعي بآليته الفسيولوجية المرضية (خلل البنكرياس الناجم عن سوء التغذية) قد يفيد أيضاً الأفراد في البلدان ذات الدخل المرتفع.


يشمل هؤلاء الأفراد أولئك الذين يعانون من فقدان وزن شديد بسبب جراحة السمنة، أو أدوية ناهضات مستقبلات الببتيد الشبيه بالجلوكاجون-1 (GLP-1)، أو اضطرابات الأكل (مثل فقدان الشهية العصبي)، والذين قد تظهر لديهم خصائص سريرية وأيضية مماثلة


إن هذا الاحتمال يشير إلى مسار أيضي عالمي ينجم عن الإجهاد الغذائي العميق، بغض النظر عن المسببات الأولية.


وهذا يوسع الأهمية السريرية للسكري من النوع الخامس إلى ما وراء ديموغرافيته الأساسية، مما يوفر إطاراً جديداً لفهم وإدارة الحالات المماثلة في مجموعات سكانية متنوعة.


لمحة تاريخية عن السكري المرتبط بسوء التغذية


تمت ملاحظة ووصف الحالة التي تُعرف الآن بالسكري من النوع الخامس لأول مرة من قبل هيو-جونز في جامايكا عام 1955.

ثم قامت منظمة الصحة العالمية (WHO) بتصنيفها رسمياً تحت مسمى "السكري المرتبط بسوء التغذية" (MRDM) في عام 1985. ومع ذلك، وبسبب نقص الأدلة الداعمة الكافية آنذاك، تم سحب هذا التصنيف من قبل منظمة الصحة العالمية في عام 1999.


يعكس الاعتراف الحالي من قبل الاتحاد الدولي للسكري في عام 2025 تقدماً كبيراً في البحث وتجديداً للإجماع العلمي حول طبيعته المتميزة. تاريخياً، كان يُشار إليه أيضاً بأسماء مثل "السكري البنكرياسي الناجم عن نقص البروتين" (PDPD) أو "السكري البنكرياسي الليفي التكلسي" (FCPD).

إن هذا التاريخ الدوري للاعتراف بالسكري المرتبط بسوء التغذية – من الملاحظة الأولية إلى التصنيف الرسمي، ثم السحب، وأخيراً إعادة الاعتراف – يؤكد التحديات في تصنيف الأمراض المعقدة، خاصة تلك التي تؤثر على الفئات السكانية المحرومة حيث قد تكون البنية التحتية البحثية والتمويل محدودة.

وتسلط هذه العودة للظهور الضوء على استمرارية الملاحظات السريرية والتراكم التدريجي للأدلة العلمية القوية للتغلب على الفجوات والتحيزات السابقة في البيانات.



III. الصيام التطوعي: آلياته وفوائده لمرضى السكري


أنواع الصيام التطوعي

يشمل الصيام التطوعي أشكالاً متعددة، بعضها ذو جذور دينية عميقة، وبعضها الآخر يُمارس لأغراض صحية بناءً على أسس علمية:


الصيام الديني: يشمل ممارسات مثل صيام يومي الاثنين والخميس، وصيام الأيام البيض (الأيام القمرية الثلاثة: 13-15 من كل شهر هجري)، وصيام الأيام العشر الأولى من ذي الحجة ويوم عرفة

هذه الممارسات متجذرة في المعتقدات الروحية والتقاليد، وغالباً ما ترتبط بفوائد صحية للجهاز الهضمي والتوازن الهرموني، بالإضافة إلى تعزيز الصبر والتوازن النفسي



الصيام المتقطع (طبياً): هو نمط غذائي منظم يتضمن فترات منتظمة من الامتناع الطوعي عن الطعام، مثل الأكل المقيد زمنياً (مثلاً، طريقة 16/8 حيث يتم الأكل خلال نافذة 8 ساعات والصيام لمدة 16 ساعة)، أو الصيام بالتناوب بين الأيام، أو حمية 5:2 (حيث يتم تقييد السعرات الحرارية بشدة ليومين غير متتاليين في الأسبوع).

يُعتمد هذا النمط بشكل أساسي لتحقيق فوائد صحية مثل إدارة الوزن وتنظيم الأيض.


الآليات الفسيولوجية للصيام


يُحدث الصيام العديد من التغيرات الفسيولوجية الإيجابية في الجسم، والتي يمكن أن تكون مفيدة للصحة الأيضية:


التحول الأيضي (Metabolic Switch): بعد ساعات من الامتناع عن الطعام، يستنفد الجسم مخزونه من الجلوكوز ويبدأ في حرق الدهون المخزنة للحصول على الطاقة. هذه المرونة الأيضية هي فائدة أساسية للصيام.


تحفيز الأوتوفاجي (الالتهام الذاتي): ينشط الصيام عملية الأوتوفاجي، وهي آلية خلوية طبيعية يقوم فيها الجسم بتنظيف الخلايا التالفة، وإعادة تدوير المكونات الخلوية، وإزالة مسببات الأمراض.

هذه العملية حاسمة لصحة الخلية وتجديدها وبقائها، وترتبط بإبطاء عملية الشيخوخة.

إن دور الأوتوفاجي في "تنظيف الخلايا التالفة" و"تحسين حساسية الأنسولين" يمثل آلية رئيسية يمكن للصيام من خلالها أن يفيد مرض السكري.

وبشكل أكثر تحديداً، فإن قدرته على تحفيز تكوين خلايا بيتا جديدة في البنكرياس (neogenesis) ، وهي الخلايا المنتجة للأنسولين، يشير إلى قدرة تجديدية يمكن تسخيرها.


هذا أمر ذو أهمية خاصة بالنسبة للسكري من النوع الخامس، الذي يتميز بنقص خلايا بيتا بسبب خلل في نمو البنكرياس.

وهذا يتجاوز مجرد إدارة الأعراض نحو تحسين وظيفي محتمل، مما يوفر مساراً واعداً للبحث المستقبلي.


تقليل مقاومة الأنسولين وتحسين حساسيته: يمكن أن يؤدي الصيام المنتظم إلى خفض مستويات الأنسولين في الدم، مما يحسن بدوره استجابة الخلايا للأنسولين ويعزز امتصاص الجلوكوز.


خفض الوزن وفقدان الدهون: يؤدي الصيام، وخاصة الصيام المتقطع، إلى فقدان الوزن (بنسبة تتراوح بين 2.5% إلى 9.9% في الدراسات) وتقليل كتلة الدهون، خاصة في منطقة البطن، مما يقلل من العبء الأيضي ويحسن السيطرة على مرض السكري.


تقليل الالتهاب: تشير الأبحاث إلى أن الصيام يمكن أن يؤدي إلى انخفاض في مؤشرات الالتهاب.


تحسين مؤشرات صحة القلب والأوعية الدموية: لقد ثبت أن الصيام يحسن ضغط الدم ومعدل ضربات القلب أثناء الراحة ومستويات الكوليسترول.


دراسات طبية حول الصيام وتأثيره على السكري


تظهر الأبحاث المتزايدة أن الصيام يمكن أن يكون له تأثيرات إيجابية على مرضى السكري.

فقد أظهرت دراسة نُشرت في مجلة BMJ Nutrition تحسناً في مستوى السكر التراكمي (HbA1c) بعد اتباع صيام متقطع لمدة 12 أسبوعاً .

كما أظهرت أبحاث أخرى انخفاضاً في مؤشرات الالتهاب مثل البروتين التفاعلي C (CRP) والإنترلوكين-6 (IL-6) لدى مرضى السكري الذين صاموا طوعاً

وتشير الدراسات إلى أن الصيام يمكن أن يقلل بشكل فعال من خطر الإصابة بالسكري من النوع الثاني، ويحسن حساسية الأنسولين، ويخفض ضغط الدم.

وقد أظهر الأكل المقيد زمنياً مساعدة مرضى السكري من النوع الثاني على فقدان الوزن وتحسين السيطرة على سكر الدم على المدى الطويل، مع بعض الدراسات التي تشير إلى إمكانية تحقيق هدأة (remission) للسكري من النوع الثاني.


ومع ذلك، على الرغم من وجود مجموعة متزايدة من الأدلة التي تدعم فوائد الصيام لمرضى السكري من النوع الثاني، هناك غياب ملحوظ للأبحاث المحددة حول سلامة وفعالية الصيام لمرضى السكري من النوع الخامس.


هذه الفجوة البحثية حاسمة، خاصة بالنظر إلى الآلية الفسيولوجية المرضية الفريدة للسكري من النوع الخامس (نقص الأنسولين دون مقاومة).

يجب التعامل مع الاستقراء المباشر للفوائد من السكري من النوع الثاني إلى السكري من النوع الخامس بحذر شديد، مما يؤكد الحاجة الملحة لدراسات مصممة خصيصاً لهذه الفئة من المرضى.


IV. إرشادات الصيام الآمن لمرضى السكري من النوع الخامس

أهمية الإشراف الطبي والتخطيط المسبق

يُعد الاستشارة الطبية أمراً بالغ الأهمية قبل أن يفكر أي مريض بالسكري في الصيام، خاصةً أولئك الذين يتناولون الأدوية.

يجب إجراء تقييم طبي شامل لتقييم إدارة السكري الحالية، والمضاعفات الموجودة، والحالة الصحية العامة. يجب على فريق الرعاية الصحية وضع خطة صيام فردية، تتضمن التعديلات اللازمة لجرعات ونوع الأدوية (مثل الأنسولين أو الأدوية الفموية الخافضة لسكر الدم).

إن التوصية العالمية بـ "التخصيص الفردي" و"الإشراف الطبي الصارم" لجميع مرضى السكري الذين يفكرون في الصيام تتضاعف أهميتها لمرضى السكري من النوع الخامس.

نظراً لنقص الأنسولين الشديد لديهم وحالتهم النحيفة التي غالباً ما تكون مصحوبة بسوء التغذية، فإن احتياطياتهم الأيضية محدودة، مما يجعلهم عرضة بشكل فريد لانخفاض سكر الدم السريع والشديد.

هذا يستلزم مقاربات حذرة للغاية ومصممة بدقة، وهو ما يمثل تحدياً خاصاً في البيئات منخفضة الموارد حيث يصعب توفير المراقبة المستمرة.


محاذير الصيام لمرضى السكري المتقدم

على الرغم من الفوائد المحتملة، يحمل الصيام مخاطر كبيرة لمرضى السكري، خاصةً إذا لم يتم إدارته بشكل صحيح:


انخفاض شديد في سكر الدم (Hypoglycemia): هذا هو الخطر الأكثر أهمية، خاصة للمرضى الذين يتناولون الأنسولين أو السلفونيل يوريا.

يمكن أن تنخفض مستويات السكر في الدم بشكل خطير إذا لم يتم تعديل الدواء أو في حالة عدم تناول الطعام.


ارتفاع الأجسام الكيتونية وخطر الحماض الكيتوني (Diabetic Ketoacidosis - DKA): بينما لا يظهر السكري من النوع الخامس عادةً كيتونوريا ، فإن نقص الأنسولين الشديد، كما هو الحال في السكري من النوع الخامس، يمكن أن يزيد نظرياً من خطر الحماض الكيتوني إذا كان الصيام طويلاً وغير مراقب، خاصة تحت الضغط الأيضي.


الجفاف (Dehydration): خاصة في المناخات الحارة أو خلال فترات الصيام الطويلة، يمكن أن يؤدي نقص تناول السوائل إلى الجفاف، مما يعقد إدارة سكر الدم وقد يسبب انخفاض ضغط الدم.


ارتفاع السكر في الدم (Hyperglycemia): يمكن أن يحدث إذا أفرط المرضى في تناول الطعام عند كسر الصيام أو إذا كانت تعديلات الدواء غير كافية.


أعراض جانبية أخرى: قد تشمل التعب، الصداع، الدوخة، الغثيان، التهيج، الأرق، والضعف العام.


جدول إرشادات الصيام الآمن لمرضى السكري من النوع الخامس


يقدم هذا الجدول دليلاً عملياً ومنظماً للصيام الآمن، وهو ذو قيمة بالغة في ترجمة النصائح الطبية المعقدة إلى خطوات واضحة وقابلة للتنفيذ للمرضى ومقدمي الرعاية الصحية، مما يضمن الالتزام ببروتوكولات السلامة أثناء الصيام، وهو أمر بالغ الأهمية بشكل خاص في البيئات محدودة الموارد حيث قد يكون من الصعب تذكر التعليمات الشفهية المفصلة.


تقييم شامل للحالة الصحية ومستوى السكري من قبل الطبيب.



تعديل خطة العلاج والأدوية (مثل جرعات الأنسولين أو الأدوية الفموية) لتناسب فترة الصيام.



فهم المخاطر المحتملة للصيام وكيفية التعامل معها.


أثناء الصيام


مراقبة مستويات السكر في الدم بانتظام (لا يفسد الصيام).



تجنب الجهد البدني المفرط، خاصة في الساعات الأخيرة قبل الإفطار.



الانتباه لأعراض انخفاض السكر (مثل الدوخة، التعرق، الرجفة) أو ارتفاعه الشديد.



الإفطار فوراً إذا انخفض مستوى السكر إلى أقل من 3.9 مليمول/لتر (70 ملغ/دل) أو ارتفع فوق 16.7 مليمول/لتر (300 ملغ/دل).



شرب كميات كافية من السوائل الخالية من السكر (الماء هو الأفضل) خلال ساعات الإفطار لمنع الجفاف.


الإفطار (عند كسر الصيام)


البدء بالتمر والماء لترطيب الجسم وتزويده بطاقة سريعة.



تناول وجبة إفطار خفيفة ومتوازنة، غنية بالبروتين والألياف، وتجنب الإفراط في تناول السكريات البسيطة والدهون.


السحور (وجبة ما قبل الفجر)


يجب ألا تُهمل وجبة السحور.



أن تكون غنية بالألياف والكربوهيدرات المعقدة (مثل الحبوب الكاملة) لضمان إطلاق بطيء للطاقة.



تجنب السكريات البسيطة والأطعمة المقلية.



شرب كمية كافية من الماء والسوائل غير المحلاة.


تحديات إدارة السكري والصيام في المجتمعات منخفضة الموارد

تُلقي التحديات المتأصلة في إدارة مرض السكري بظلالها على ممارسة الصيام في المجتمعات منخفضة الموارد.


فغالباً ما تعاني هذه المناطق من محدودية الوصول إلى أخصائيي الرعاية الصحية، بمن فيهم الأطباء المدربون والممرضون المتخصصون في رعاية مرضى السكري.


كما يغيب عنها وجود إرشادات وبروتوكولات موحدة لإدارة المرض. وتبرز قيود عملية تتمثل في محدودية توفر الأدوية الفموية الخافضة لسكر الدم، والأنسولين، وأجهزة الحقن، ومعدات المراقبة الذاتية لسكر الدم (SMBG).


تُشكل التكاليف الباهظة للعلاج وتعديلات نمط الحياة عائقاً كبيراً أمام المرضى في هذه المجتمعات.

علاوة على ذلك، تعاني برامج التثقيف الصحي من نقص الموارد ، وقد تتأثر السلوكيات المتعلقة بالصحة بعوامل ثقافية، مثل اعتبار السمنة أحياناً رمزاً للمكانة الاجتماعية.


كل هذه العوامل تساهم في ارتفاع معدلات الوفيات الناجمة عن المضاعفات الحادة للسكري بسبب نقص الأنسولين والتأخر في تقديم الرعاية.


إن تقاطع انتشار السكري من النوع الخامس في البيئات منخفضة الموارد مع التحديات المنهجية لإدارة مرض السكري هناك (نقص المتخصصين، محدودية الموارد، عدم كفاية التعليم، وحواجز التكلفة الكبيرة) يخلق أزمة صحية عامة حرجة.

هذا يتطلب تدخلات مجتمعية متكاملة لا تعالج الاحتياجات الطبية الفورية فحسب، بل تتصدى أيضاً للحواجز الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية الكامنة، متجاوزة الإرشادات السريرية البحتة لتحقيق نتائج صحية ذات مغزى.


V. أنواع السكري الأقل شيوعًا ومفاهيم خاطئة


بالإضافة إلى الأنواع الرئيسية الشائعة للسكري، هناك مجموعة من الأنواع الأخرى الأقل شيوعاً ولكنها لا تقل أهمية، وتشكل حوالي 2% من حالات السكري. للأسف، غالباً ما يتم تشخيص العديد من هؤلاء المرضى بشكل خاطئ، مما يؤدي إلى تأخير في الحصول على العلاج الصحيح


السكري أحادي الجين (Monogenic diabetes): MODY، السكري الوليدي

ينتج السكري أحادي الجين عن طفرة في جين واحد. إذا كان أحد الوالدين يحمل الطفرة، فإن الطفل لديه فرصة 50% لوراثتها

ويشمل نوعين رئيسيين:


سكري الشباب الناضج (MODY): يحدث عادة قبل سن 25 بغض النظر عن الوزن أو نمط الحياة.


السكري الوليدي (Neonatal diabetes): يتم تشخيصه قبل عمر ستة أشهر وليس حالة مناعية ذاتية


توضيح هام: داء السكري عند النضج المبكر (MODY 5) مقابل السكري من النوع الخامس (Type 5 Diabetes)

من الضروري التمييز بوضوح بين "السكري من النوع الخامس" (الذي تم الاعتراف به مؤخراً ويرتبط بسوء التغذية) و"داء السكري عند النضج المبكر من النوع 5" (MODY 5)، حيث يمكن أن يسبب التشابه في التسمية التباساً كبيراً.


داء السكري عند النضج المبكر من النوع 5 (MODY 5 - HNF1B-MODY):


الأساس الجيني: ينجم MODY 5 عن طفرات في جين HNF1B (عامل النسخ النووي الكبدي 1-بيتا). يمثل هذا النوع حوالي 2-6% من جميع حالات MODY.

ومن الجدير بالذكر أن ما يصل إلى 50% من حالات MODY 5 تنجم عن طفرات جديدة (de novo mutations)، مما يعني أن التاريخ العائلي الإيجابي للمرض قد يكون غائباً.


الخصائص السريرية: يعتبر MODY 5 اضطراباً متعدد الأجهزة نظراً للنشاط الواسع لجين HNF1B في العديد من الأعضاء.

غالباً ما يظهر على شكل سكري مبكر، ولكنه يتميز بوجود تشوهات إضافية تؤثر على الكلى، الكبد، البنكرياس، والأعضاء التناسلية.


تشوهات الكلى: يعاني المرضى المصابون بـ MODY 5 بشكل متكرر من مشاكل في الكلى مثل الكيسات الكلوية الثنائية، استسقاء الكلى (hydronephrosis)، أو تشوهات هيكلية مثل خلل التنسج المتعدد الكيسات.

هذه المشاكل الكلوية غالباً ما تسبق ظهور مرض السكري وتعتبر دليلاً تشخيصياً رئيسياً.


اختلال توازن الكهارل: يمكن أن تؤدي طفرات HNF1B إلى اختلال توازن الكهارل، خاصة نقص المغنيسيوم والبوتاسيوم.


مشاكل البنكرياس: قد يحدث نقص تنسج البنكرياس (hypoplasia) أو غيابه (agenesis)، مما يؤدي إلى قصور في وظائف البنكرياس الصماء (السكري) والوظائف الخارجية (إنتاج الإنزيمات الهاضمة).


عيوب الجهاز البولي التناسلي: قد تحدث تشوهات في الرحم، البربخ، أو الحويصلات المنوية، على الرغم من أنها ليست شائعة.


خلل وظائف الكبد: يمكن أن يكون خلل وظائف الكبد أيضاً مظهراً من مظاهر MODY 5.


تشوهات النمو العصبي: في بعض الحالات، خاصة مع الحذف الكامل للجين في منطقة 17q12، قد تكون هناك تشوهات في النمو العصبي.


التشخيص والعلاج: يمكن أن يكون تشخيص MODY 5 صعباً بسبب تداخل الأعراض مع أنواع السكري الأخرى.


الاختبار الجيني هو المعيار الذهبي للتشخيص، حتى في غياب التاريخ العائلي.

غالباً ما يتطلب العلاج البدء المبكر بالأنسولين بسبب الاستجابة المحدودة للأدوية الفموية الخافضة لسكر الدم.

وتعتبر الإدارة متعددة التخصصات ضرورية نظراً لتأثر عدة أجهزة في الجسم.


إن هذا التوضيح حاسم، حيث أن داء السكري عند النضج المبكر من النوع 5 (MODY 5) هو اضطراب وراثي يتميز بطفرة في جين HNF1B ويصاحبه خلل في عدة أعضاء (مثل الكلى والبنكرياس والأعضاء التناسلية)، وهو يختلف جوهرياً عن "السكري من النوع الخامس" الذي تم الاعتراف به مؤخراً ويرتبط بسوء التغذية.

يجب التأكيد على هذا التمييز لمنع سوء الفهم وضمان التشخيص الدقيق والإدارة المناسبة لكلتا الحالتين.



السكري من النوع الخامس (المرتبط بسوء التغذية)


سوء التغذية المزمن (خاصة في الطفولة)، يؤدي لتطور غير كافٍ للبنكرياس


المراهقون والشباب النحفاء في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل (آسيا وأفريقيا)


أدوية فموية، جرعات صغيرة جداً من الأنسولين


نقص شديد في الأنسولين دون مقاومة ، لا يحدث حماض كيتوني عادةً ، نحافة الجسم


داء السكري عند النضج المبكر (MODY 5)



طفرة جينية في جين HNF1B


يظهر عادة قبل سن 25 ، قد لا يوجد تاريخ عائلي


غالبًا ما يتطلب بدء الأنسولين مبكراً ، استجابة محدودة للأدوية الفموية


اضطراب متعدد الأجهزة (الكلى، البنكرياس، الكبد، الجهاز التناسلي) ، غالبًا ما يسبق مرض الكلى السكري



أنواع أخرى أقل شيوعاً من مرض السكري ومفاهيم خاطئة

هناك مجموعة متنوعة من الأنواع الأخرى من مرض السكري، والتي تمثل حوالي 2% من إجمالي الحالات . تشمل هذه الأنواع:


السكري الكامن المناعي الذاتي لدى البالغين (LADA): يُشار إليه أحياناً بالنوع 1.5، حيث يجمع بين خصائص النوع الأول والنوع الثاني، وما زال البحث الطبي جارياً لتحديد ما يميزه بالضبط


السكري من النوع 3c: يتطور عندما يتضرر البنكرياس بسبب أمراض أخرى مثل سرطان البنكرياس، التهاب البنكرياس، التليف الكيسي، أو داء ترسب الأصبغة الدموية، أو بعد إزالة جزء أو كل البنكرياس


السكري الناتج عن الستيرويدات: يمكن أن يصيب الأشخاص الذين يتناولون الستيرويدات، وهو أكثر شيوعاً لدى من هم عرضة لخطر الإصابة بالنوع الثاني


سكري التليف الكيسي: وهو النوع الأكثر شيوعاً من السكري لدى الأشخاص المصابين بالتليف الكيسي، وله خصائص من النوع الأول والثاني ولكنه حالة مختلفة


السكري الكاذب (Diabetes Insipidus): على الرغم من أن "السكري الكاذب" يحمل كلمة "سكري" في اسمه، إلا أنه ليس له أي علاقة بمرض السكري الحقيقي (Diabetes Mellitus) .

إنه حالة مختلفة تماماً تتعلق بمشكلة في توازن السوائل في الجسم، وليس بمشكلة في تنظيم الجلوكوز أو الأنسولين


السكري من النوع الثالث (Type 3 Diabetes): تشير بعض المجموعات الطبية، مثل جمعية أبحاث الزهايمر، إلى وجود صلة بين مقاومة الأنسولين ومرض الزهايمر على أنها سكري من النوع الثالث


السكري من النوع الرابع (Type 4 Diabetes): يُعرف بأنه سكري مرتبط بالعمر ويمكن أن يحدث لدى البالغين كبار السن النحفاء .



VI. آفاق مستقبلية في علاج وإدارة السكري

تشهد مجالات علاج وإدارة مرض السكري تطورات واعدة، مدفوعة بالبحث العلمي والتقدم التكنولوجي.


العلاج بالخلايا الجذعية


أعلن باحثون صينيون في مايو 2024 عن نجاحهم في علاج مريض سكري من النوع الثاني يبلغ من العمر 59 عاماً باستخدام العلاج بالخلايا الجذعية .


تمكن المريض من الاستغناء عن الأنسولين لمدة 33 شهراً بعد خضوعه لعملية زرع خلايا بنكرياس تم إنتاجها خارج الجسم باستخدام الخلايا الجذعية يهدف هذا العلاج التجريبي إلى استعادة قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر في الدم بشكل طبيعي

على الرغم من أنه لا يزال يحتاج إلى مزيد من الاختبارات والموافقات، إلا أنه يمثل تقدماً مهماً

إن نجاح العلاج بالخلايا الجذعية في مرضى السكري من النوع الثاني يوفر بصيص أمل لمقاربات تجديدية في علاج السكري، والتي يمكن أن تكون تحويلية بشكل خاص للسكري من النوع الخامس.


إذا أمكن استعادة أو تعزيز وظيفة خلايا بيتا البنكرياسية من خلال الخلايا الجذعية، فإن ذلك سيعالج مباشرة الآلية الفسيولوجية المرضية الأساسية للسكري من النوع الخامس (البنكرياس غير المتطور أو المختل وظيفياً)، مما قد يتجاوز مجرد إدارة الأعراض نحو استراتيجية علاجية أكثر جذرية.


إعادة استخدام الأدوية الموجودة

تشير الأبحاث إلى أن بعض الأدوية المستخدمة حالياً لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، مثل مثبطات ناقل الصوديوم والجلوكوز 2 (SGLT-2)، قد تقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالخرف، بما في ذلك الخرف الوعائي ومرض الزهايمر

قد تؤثر هذه الأدوية على الالتهاب في الدماغ أو تعدل التمثيل الغذائي للجلوكوز في الدماغ

بما أن هذه الأدوية مثبتة الأمان، فإن هذا قد يسرع من اختبارها في التجارب السريرية كعلاجات محتملة للخرف، مما يقلل من تكلفة عملية الاختبار ويسرعها

إن إعادة استخدام الأدوية الموجودة لعلاج حالات مثل الخرف يمثل مساراً فعالاً من حيث التكلفة ومسرعاً لتطوير العلاجات.

يمكن أن يكون هذا النهج ذا قيمة خاصة للسكري من النوع الخامس، نظراً للقيود على الموارد في المناطق المتأثرة، من خلال استكشاف ما إذا كانت الأدوية الموجودة والميسورة التكلفة قد تقدم فوائد غير متوقعة لملفه الأيضي الفريد أو للمضاعفات المرتبطة به، وبالتالي تحسين الوصول إلى الرعاية.


دور التكنولوجيا في المتابعة والإدارة


تلعب التكنولوجيا دوراً متزايد الأهمية في مساعدة مرضى السكري على إدارة حالتهم بشكل أفضل.

على سبيل المثال، تطبيق "سكرك بإيدك" هو أداة رقمية تساعد المرضى في متابعة مستويات السكر، وتسجيل الملاحظات، والتواصل مع الأطباء والمتخصصين .

تشمل ميزات هذه التطبيقات سهولة تسجيل القراءات (يدوياً، عبر البلوتوث من أجهزة قياس السكر، أو حتى باستخدام التسجيل الصوتي)، ولوحات تحكم غذائية لمساعدة المستخدمين على فهم احتياجاتهم الغذائية بناءً على مستويات السكر، وتتبع السكر التراكمي لمتابعة التغيرات على المدى الطويل، وتحليل البيانات وتقديم تنبيهات فورية في حال كانت مستويات السكر غير طبيعية، ومشاركة البيانات مع الأطباء لتعزيز المتابعة اليومية والعلاج


إن التكنولوجيا، وخاصة تطبيقات الصحة المتنقلة، توفر حلاً قابلاً للتطوير ومنخفض التكلفة نسبياً لإدارة مرض السكري، وهو أمر بالغ الأهمية بشكل خاص في البيئات منخفضة الموارد حيث يكون الوصول إلى العيادات والمتخصصين محدوداً.


يمكن لهذه الأدوات سد الفجوات الحرجة في المراقبة والتعليم والتواصل، وتحويل الإدارة الذاتية لمرض السكري من امتياز إلى حق أكثر سهولة، وبالتالي المساهمة بشكل كبير في العدالة الصحية.



VII. الخلاصة والتوصيات


يمثل الاعتراف الرسمي بالسكري من النوع الخامس من قبل الاتحاد الدولي للسكري في عام 2025 تحولاً تاريخياً في فهمنا العالمي لمرض السكري.

هذا النوع، الناجم عن سوء التغذية المزمن ويؤثر بشكل غير متناسب على المجتمعات المهمشة، يتميز بآلية فسيولوجية مرضية فريدة تتمثل في نقص الأنسولين العميق دون مقاومة الأنسولين، مما يستلزم مقاربات تشخيصية وعلاجية مخصصة.

لقد أدت عقود من سوء التشخيص والإهمال إلى عواقب وخيمة، مما يؤكد الحاجة الملحة للعدالة الصحية والبحث المستمر.


في سياق إدارة السكري، يقدم الصيام التطوعي، بآلياته الفسيولوجية مثل تحفيز الأوتوفاجي وتحسين حساسية الأنسولين، فوائد أيضية واعدة.

ومع ذلك، يجب التعامل مع ممارسة الصيام بحذر شديد وتحت إشراف طبي صارم لمرضى السكري، وخاصة أولئك المصابين بالنوع الخامس، نظراً لمخاطر انخفاض سكر الدم الشديد وغيرها من المضاعفات.

إن غياب الأبحاث المحددة حول الصيام في سياق السكري من النوع الخامس يسلط الضوء على فجوة بحثية حرجة تستدعي اهتماماً فورياً.


لتحسين جودة حياة الملايين المتأثرين بالسكري من النوع الخامس، يجب أن تتضافر الجهود العالمية لضمان:


التشخيص الدقيق والرعاية المخصصة: تطوير وتنفيذ معايير تشخيصية واضحة وإرشادات علاجية مصممة خصيصاً للسكري من النوع الخامس.


البحث المستمر: إجراء دراسات شاملة حول الصيام التطوعي وتأثيراته على مرضى السكري من النوع الخامس، مع التركيز على السلامة والفعالية في البيئات منخفضة الموارد.


العدالة الصحية الشاملة: معالجة المحددات الاجتماعية الأوسع للصحة، مثل الفقر وانعدام الأمن الغذائي، من خلال تدخلات متكاملة تجمع بين الرعاية الطبية والتغذوية، ومبادرات الصحة العامة، وحلول تكنولوجية مبتكرة.


إن هذه الجهود المتضافرة، من اكتشاف الأنواع الجديدة إلى ابتكار العلاجات وتحسين أدوات الإدارة، تهدف جميعها إلى تحسين جودة حياة ملايين المرضى حول العالم.





VIII. أسئلة شائعة (FAQs)


ما هي الأنواع الرئيسية لمرض السكري؟


مرض السكري هو حالة معقدة تأخذ أشكالاً عديدة. الأنواع الأكثر شيوعاً هي:


النوع الأول: يحدث عندما يهاجم الجسم الخلايا المنتجة للأنسولين في البنكرياس، مما يمنع الجسم من إنتاج أي أنسولين.

الأنسولين ضروري للسماح للغلوكوز بدخول الخلايا للحصول على الطاقة.


النوع الثاني: في هذا النوع، لا يعمل الأنسولين الذي ينتجه البنكرياس بشكل صحيح، أو لا يستطيع البنكرياس إنتاج ما يكفي من الأنسولين.

يؤدي هذا إلى ارتفاع مستويات الغلوكوز في الدم.

وهو النوع الأكثر شيوعاً، حيث يصيب حوالي 90% من مرضى السكري.


سكري الحمل: يتطور هذا النوع أثناء الحمل لدى النساء اللاتي لم يكن مصابات بالسكري من قبل. عادة ما يختفي بعد الولادة.


بالإضافة إلى هذه الأنواع، هناك العديد من الأنواع الأخرى الأقل شيوعاً ولكنها مهمة جداً.


ما هو السكري من النوع الخامس، وما الذي يميزه؟


السكري من النوع الخامس، والذي يُعرف أيضاً باسم السكري المرتبط بسوء التغذية، هو نوع جديد تم الاعتراف به رسمياً من قبل الاتحاد الدولي للسكري (IDF) في أبريل 2025. يتميز هذا النوع بارتباطه بسوء التغذية المزمن، خاصة خلال فترة الطفولة أو المراهقة.


على عكس النوع الأول حيث يدمر الجهاز المناعي خلايا البنكرياس المنتجة للأنسولين، أو النوع الثاني المرتبط بمقاومة الأنسولين والسمنة،

فإن السكري من النوع الخامس ينتج عن ضعف تطور البنكرياس بسبب نقص التغذية المستمر.

وهذا يؤدي إلى نقص شديد في الأنسولين.


يُقدر أن السكري من النوع الخامس يؤثر على ما بين 20 إلى 25 مليون شخص حول العالم، وبشكل أساسي في آسيا وأفريقيا.

الأشخاص المصابون بهذا النوع غالباً ما يكونون نحفاء ويحتاجون إلى كميات صغيرة جداً من الأنسولين أو يمكن التحكم في حالتهم بالأدوية الفموية، حيث أن جرعات الأنسولين القياسية يمكن أن تكون خطيرة عليهم.


ما هي بعض الأنواع الأخرى الأقل شيوعاً من مرض السكري؟


هناك مجموعة متنوعة من الأنواع الأخرى من مرض السكري، والتي تمثل حوالي 2% من إجمالي الحالات. تشمل هذه الأنواع:


السكري أحادي الجين (Monogenic diabetes): ينتج عن طفرة في جين واحد. إذا كان أحد الوالدين يحمل الطفرة، فإن الطفل لديه فرصة 50% لوراثتها. ويشمل نوعين رئيسيين:


سكري الشباب الناضج (MODY): يحدث عادة قبل سن 25 بغض النظر عن الوزن أو نمط الحياة.


السكري الوليدي (Neonatal diabetes): يتم تشخيصه قبل عمر ستة أشهر وليس حالة مناعية ذاتية.


السكري الكامن المناعي الذاتي لدى البالغين (LADA): يُشار إليه أحياناً بالنوع 1.5، حيث يجمع بين خصائص النوع الأول والنوع الثاني، وما زال البحث الطبي جارياً لتحديد ما يميزه بالضبط.


السكري من النوع 3c: يتطور عندما يتضرر البنكرياس بسبب أمراض أخرى مثل سرطان البنكرياس، التهاب البنكرياس، التليف الكيسي، أو داء ترسب الأصبغة الدموية، أو بعد إزالة جزء أو كل البنكرياس.


السكري الناتج عن الستيرويدات: يمكن أن يصيب الأشخاص الذين يتناولون الستيرويدات، وهو أكثر شيوعاً لدى من هم عرضة لخطر الإصابة بالنوع الثاني.


سكري التليف الكيسي: وهو النوع الأكثر شيوعاً من السكري لدى الأشخاص المصابين بالتليف الكيسي، وله خصائص من النوع الأول والثاني ولكنه حالة مختلفة.


لماذا لم يُعرف السكري من النوع الخامس على نطاق واسع من قبل؟


على الرغم من أن السكري من النوع الخامس قد لوحظ لأكثر من 70 عاماً، إلا أنه غالباً ما كان يُشخص بشكل خاطئ على أنه سكري من النوع الأول أو الثاني.


لم يحظ بالاهتمام العلمي الكافي سابقاً لأنه يؤثر بشكل كبير على الفئات الفقيرة والمهمشة صحياً في البلدان منخفضة الدخل، خاصة في آسيا وأفريقيا.

اتضح أن هذا النوع له خصائص أيضية (استقلابية) مميزة تجعله مختلفاً عن الأنواع الأخرى.

الاعتراف الرسمي به من قبل الاتحاد الدولي للسكري في عام 2025 هو خطوة مهمة نحو العدالة الصحية وتقديم الرعاية المناسبة لملايين المرضى الذين تم تجاهلهم.


ما هي الأعراض الشائعة لمرض السكري من النوع الخامس؟


أعراض السكري من النوع الخامس هي نفسها أعراض جميع أنواع السكري الأخرى وتشمل:


العطش الشديد.


التبول بشكل متكرر أكثر من المعتاد، خاصة في الليل.


التعب الشديد.


فقدان الوزن غير المبرر.


ضعف العضلات.


عدم وضوح الرؤية.


بالإضافة إلى هذه الأعراض، يتميز مرضى السكري من النوع الخامس عادةً بانخفاض وزن الجسم ونقص في إنتاج الأنسولين.


هل هناك علاجات جديدة ومبشرة لمرض السكري؟


نعم، هناك تطورات مبشرة في علاج مرض السكري:


العلاج بالخلايا الجذعية: أعلن باحثون صينيون في مايو 2024 عن نجاحهم في علاج مريض سكري من النوع الثاني يبلغ من العمر 59 عاماً باستخدام العلاج بالخلايا الجذعية. تمكن المريض من الاستغناء عن الأنسولين لمدة 33 شهراً بعد خضوعه لعملية زرع خلايا بنكرياس تم إنتاجها خارج الجسم باستخدام الخلايا الجذعية.

هذا العلاج التجريبي يهدف إلى استعادة قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر في الدم بشكل طبيعي. على الرغم من أنه لا يزال يحتاج إلى مزيد من الاختبارات والموافقات، إلا أنه يمثل تقدماً مهماً.


إعادة استخدام الأدوية الموجودة: تشير الأبحاث إلى أن بعض الأدوية المستخدمة حالياً لعلاج مرض السكري من النوع الثاني، مثل مثبطات ناقل الصوديوم والجلوكوز 2 (SGLT-2)، قد تقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بالخرف، بما في ذلك الخرف الوعائي ومرض الزهايمر. بما أن هذه الأدوية مثبتة الأمان، فإن هذا قد يسرع من اختبارها في التجارب السريرية كعلاجات محتملة للخرف.


ما هو دور التكنولوجيا في مساعدة مرضى السكري؟


تلعب التكنولوجيا دوراً متزايد الأهمية في مساعدة مرضى السكري على إدارة حالتهم بشكل أفضل. على سبيل المثال، تطبيق "سكرك بإيدك" هو أداة رقمية تساعد المرضى في متابعة مستويات السكر، وتسجيل الملاحظات، والتواصل مع الأطباء والمتخصصين. تشمل ميزات هذه التطبيقات:


سهولة تسجيل القراءات: إدخال البيانات يدوياً، عبر البلوتوث من أجهزة قياس السكر، أو حتى باستخدام التسجيل الصوتي.


لوحات تحكم غذائية: لمساعدة المستخدمين على فهم احتياجاتهم الغذائية بناءً على مستويات السكر.


تتبع السكر التراكمي: لمتابعة التغيرات على المدى الطويل وتوقع مستويات السكر التراكمي.


تحليل البيانات والتنبيهات: تقوم التطبيقات بتحليل البيانات وتقديم تنبيهات فورية في حال كانت مستويات السكر غير طبيعية.


مشاركة البيانات مع الأطباء: لتعزيز المتابعة اليومية والعلاج.


هذه الأدوات تمكن المرضى من اتخاذ قرارات صحية مستنيرة وتساعدهم على التحكم بشكل أفضل في مرضهم.


ما الفرق بين داء السكري و"السكري الكاذب" (Diabetes Insipidus)؟


على الرغم من أن "السكري الكاذب" (Diabetes Insipidus) يحمل كلمة "سكري" في اسمه، إلا أنه ليس له أي علاقة بمرض السكري الحقيقي (الذي اسمه العلمي هو Diabetes Mellitus). السكري الكاذب هو حالة مختلفة تماماً تتعلق بمشكلة في توازن السوائل في الجسم، وليس بمشكلة في تنظيم الغلوكوز أو الأنسولين.


IX. عن المؤلف والموقع (H-K-E-M.com)

الدكتور حسن الوراقي، كاتب وباحث في الصحة الطبيعية ومؤسس موقع H-K-E-M.com، منصة طبية تهدف إلى تقديم محتوى موثوق حول مرض السكري، خاصة النوع الخامس، والصيام العلاجي، والطرق الطبيعية لدعم الصحة الأيضية. يركز في أبحاثه على الأنواع الأقل شهرة من السكري مثل السكري من النوع الخامس، ودور الصيام المتقطع في تحسين الصحة وتنظيم السكر.




📩 للتواصل: hassanalwarraqi@h-k-e-m.com

🌐 تابع أحدث المقالات عبر مدونة H-K-E-M



الدكتور حسن الوراقي، كاتب وباحث في الصحة الطبيعية ومؤسس موقع H-K-E-M.com، منصة طبية تهدف إلى تقديم محتوى موثوق حول مرض السكري، خاصة النوع الخامس، والصيام العلاجي، والطرق الطبيعية لدعم الصحة الأيضية.

يركز في أبحاثه على الأنواع الأقل شهرة من السكري مثل السكري من النوع الخامس، ودور الصيام المتقطع في تحسين الصحة وتنظيم السكر.

📩 للتواصل: hassanalwarraqi@h-k-e-m.com

🌐 تابع أحدث المقالات عبر مدونة H-K-E-M


تعرف على السكري من النوع الخامس (MODY 5) وتأثيره على الصحة الأيضية. اكتشف كيف يمكن للصيام التطوعي 🌿
تعرف على السكري من النوع الخامس (MODY 5) وتأثيره على الصحة الأيضية. اكتشف كيف يمكن للصيام التطوعي 🌿