حكم النّمص في الشريعة الإسلامية

يُعد حكم النّمص من الموضوعات التي تشغل بال المرأة المسلمة، حيث يرتبط النّمص في الشريعة الإسلامية بتغيير شكل الحاجبين لأغراض التجميل.

نستعرض ما هو النّمص شرعًا، أدلة تحريم النّمص، الحالات التي يجوز فيها، وآراء العلماء حول تغيير خلق الله، مع توضيح حكم النّمص للرجال والنّمص للمرأة.

ما هو النّمص

النّمص هو إزالة أو ترقيق شعر الحاجب.

يُعرف النّمص بأنه نتف أو إزالة شعر الحاجب بأي وسيلة (نتف، حلاقة، ليزر) بهدف النّمص والتجميل وليس لعلاج أو ضرورة.

يُعتبر النّمص من تغيير خلق الله إذا كان لأغراض تجميلية،

مما يثير تساؤلات مثل: هل النّمص حرام؟

أدلة تحريم النّمص في الإسلام

النمص للمرأة المسلمة في ضوء الشريعة الإسلامية، مستندًا إلى النصوص الشرعية وأقوال العلماء .

يهدف إلى استخلاص المفاهيم الأساسية والأحكام المتعلقة بهذه المسألة، مع إبراز الآراء المختلفة وأدلتها.

1. الحديث النبوي

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم:

"لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله" (رواه البخاري ومسلم).

النامصات: من يقمن بـ إزالة شعر الحاجب.

المتنمصات: من يطلبن ذلك من غيرهن.

كلمة "لعن الله" تؤكد أن تحريم النّمص يأتي لأنه من الكبائر، لارتباطه بـ تغيير خلق الله.

" نمص الحاجبين لا يجمل المرأة "

أن نمص الحاجبين قد يغير من شكل الوجه ويجعله أكثر جمالاً، لكن هناك آراء مختلفة حول هذا الموضوع. في الحقيقة، جمال الحاجبين يتفاوت بين الأفراد حسب ملامح الوجه والمظهر الطبيعي.

قد يبدو نمص الحاجبين مفيدًا لتحقيق توازن أو لإبراز ملامح معينة في الوجه، بينما يرى آخرون أن الحواجب الطبيعية التي تُترك كما هي تضفي جمالاً أكثر وتعبّر عن طبيعة الشخص بشكل أفضل.

النمص قد يؤدي إلى تساقط الشعر في المنطقة بشكل دائم إذا تم بشكل مبالغ فيه أو خاطئ. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تكون الحواجب الكثيفة أكثر جاذبية في بعض الثقافات.

الأهم هو أن تشعر المرأة بالراحة والثقة في مظهرها، سواء اختارت ترك حواجبها طبيعيةً أو تشكيلها وفقًا لذوقها الشخصي. في النهاية، الجمال الحقيقي ينبع من تنوع الخيارات واحترام الذات، وليس من معايير صارمة تُفرض على الجميع. ما يهم حقًّا هو أن تكون المرأة مُرضيةً لنفسها أولًا وأخيرًا.

2. القرآن الكريم

قال الله تعالى:

﴿وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ﴾ [النساء: 119].

يُشير هذا إلى أن النّمص للتجميل يُعدّ من تغيير خلق الله، مما يجعل حكم النّمص في الأصل التحريم.

"نتف شعر الحاجب او ترقيقه سواء بالنتف او الحلاقه او اى وسيلة اخرى ونقصد به تغييير خلقه اللّٰه للتجميل لا لعلاج او مرض".

متى يجوز النّمص للمرأة؟

بحسب فتاوى النّمص، يجوز النّمص في حالتين:

النّمص لعلاج التشويه: إذا كان شعر الحاجب كثيفًا بشكل يُسبب تشويهًا أو أذى، فيُسمح بإزالته بالقدر الضروري.

الضرورة الطبية: إذا اقتضى العلاج إزالة شعر الحاجب، كما في الحالات الطبية المؤكدة.

استثنت حالة نبات لحية أو شوارب للمرأة، فيستحب إزالتها.

جواز النّمص لا يعتمد على رؤية الآخرين أو إذن الزوج، بل على علة تغيير خلق الله.

حكم النّمص للرجال في الإسلام

يُطبّق حكم النّمص في الإسلام للرجال بنفس المعايير. إذا كان النّمص للتجميل، فهو محرم لأنه ينطوي على تغيير خلق الله.

يجوز النّمص للرجال في حالات العلاج أو إزالة الشعر المشوّه.

يؤكد العلماء أن تحريم النّمص يشمل الجنسين إذا كان الهدف تجميليًا.

لماذا النّمص محرم؟

النّمص والتجميل المحرم لا يُضيف جمالًا حقيقيًا، بل هو قبيح شرعًا لأنه ينطوي على الغش وتغيير خلق الله.

تُنصح النساء والرجال بالابتعاد عنه امتثالًا لنهي النبي صلى الله عليه وسلم.

النمص فى الثقافات الأخرى

الاختلافات الثقافية في مفهوم تجميل الحواجب: رحلة عبر التقاليد والجمال

في كل ثقافةٍ حول العالم، تحمل ممارسات تجميل الحواجب دلالاتٍ عميقةً تعكس القِيَم الاجتماعية، والدينية، وحتى الفلسفية. إليك غوصٌ أعمق في هذه الممارسات عبر الثقافات:

الثقافة الهندية: الجمال كفنٍّ روحي

لا يقتصر تجميل الحواجب في الهند على الموضة فحسب، بل يرتبط بفلسفة "الشانتي" (السلام الداخلي) والانسجام بين الجسد والروح. تُستخدم الحناء ليس فقط لإزالة الشعر، بل كرمز للبركة في المناسبات الدينية والزواج.

تُفضل الكثيرات الحواجب الكثيفة والمرسومة بدقة، مستوحاة من تماثيل الآلهة في المعابد، كآلهة لاكشمي رمز الجمال والرخاء.

في العصر الحديث، تزاوج العادات التقليدية مع تقنيات التاتو والميكرو بلدينغ ، مع الحفاظ على الرمزية الثقافية.

الثقافة الصينية: جماليات التوازن و الين واليانغ

في الصين القديمة، كان نتف الحواجب يُمارس كجزء من فلسفة "التناغم" مع الكون.

خلال عهد أسرة تانغ (٦١٨–٩٠٧ م)، كانت النساء يتركن الحواجب خفيفة أو يحلقنها تمامًا، ثم يرسمون أشكالًا بديعة باستخدام أحبار سوداء، تعبيرًا عن التواضع والأناقة الإمبراطورية.

اليوم، تحولت الموضة إلى الحواجب المستقيمة ذات الأطراف المدببة، التي تُعتبر علامة على الذكاء والوضوح وفقًا قراءة الوجه الصينية .

الثقافة الغربية: من التطرف إلى الطبيعي

شهدت الحواجب في الغرب تحولاتٍ دراماتيكية:

العصور الوسطى: حلق النساء حواجبهن بالكامل كرمز على النقاء الديني، مستوحى من صور العذراء مريم.

عقد التسعينيات: سيطرت موضة الحواجب الرفيعة (à la دрю باريمور) كتعبير عن التمرد والجرأة.

العقد الحالي: عودة الحواجب الكثيفة (تأثير كارا ديليفين) كردٍّ على معايير الكمال الصناعي، ورمزٍ للتمكين الأنثوي وقبول الذات.

الثقافة العربية: بين الدين والهوية

في العالم العربي، يُثار الجدل حول النمص بسبب الحديث النبوي الذي ينهى عنهُ، لكن التفسيرات تختلف:

المذاهب الفقهية: يرى الحنابلة والشافعية تحريم النمص المُفرط (تغيير خلق الله)، بينما يجيز المالكية إزالة الشعر "الزائد" لتحسين المظهر دون مبالغة.

المجتمعات الحديثة: تزايد قبول تقنيات التجميل مثل الخيط أو الليزر، شرط ألا تُفقد الحاجب شكله الطبيعي، كتعبير عن "الجمال المرتب" دون تناقض مع الهوية الدينية.

الثقافات الأفريقية: طقوس التجميل كعلامة قبيلة

في قبائل مثل الهوسا في نيجيريا أو الأمازيغ في شمال أفريقيا، يُعتبر تهذيب الحواجب طقس عبور إلى الأنوثة:

تُستخدم أدوات تقليدية كشفرات من الخيزران أو خلطات عشبية لإزالة الشعر، مصحوبة بترانيم ورقصات ترمز إلى النضج.

في إثيوبيا، تُفضل الحواجب الموصولة (التي تتصل عند الجبهة) كعلامة جمال فريدة، بينما في جنوب أفريقيا، ترمز الحواجب المتناسقة إلى الانتماء لقبيلة الزولو.

لماذا تختلف المعايير؟ فلسفة الجمال الخفية

وراء كل ممارسة جمالية تكمن رؤيةٌ للعالم:

الثقافات الجماعية (كالصين والهند): الجمال يُقاس بمدى الانسجام مع المجتمع والتقاليد.

الثقافات الفردية (كأمريكا وأوروبا): الجمال تعبير عن الشخصية والحرية الفردية.

الثقافات الدينية: الجمال وسيلة للتقرب إلى القيم المقدسة (والحجاب الشرعي أو تجميل الجسم دون "تشويه").

الخلاصة: الجمال سردية إنسانية متجددة

لا يوجد نموذجٌ واحد للجمال، بل سردياتٌ متقاطعة ترويها الأديان، والتاريخ، والثورات الاجتماعية. الأهم هو أن تختار كل امرأة ما يعكس هويتها وقيمها، سواءٌ أكانت حواجبها مُزينة بالحناء، أو مُحلوقة كالقديسات، أو مُرسلة كالجبال. فالجمال، في نهاية المطاف، هو قصة تُروى بلهجة الإنسان نفسه

الأسئلة الشائعة حول النّمص faqs

هل النّمص حرام؟

نعم، النّمص محرم إذا كان للتجميل، لكنه يجوز للعلاج أو إزالة التشويه.

متى يجوز النّمص للمرأة؟

يجوز في حالات الضرورة الطبية أو الشعر المشوّه.

ما حكم النّمص للرجال؟

محرم إذا كان للتجميل، ويجوز في الحالات الاستثنائية.

ما هي أدلة تحريم النّمص؟

الحديث النبوي بلعن النامصات والآية القرآنية عن تغيير خلق الله.

5. ما هي الأدلة الشرعية التي يستند إليها تحريم النمص؟

حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله).

هذا الحديث، المتفق عليه، يدل على أن النمص من الكبائر، لأن اللعن في الشرع لا يكون إلا على ذنب عظيم، واللعن هو الطرد من رحمة الله.

6. ما هو المقصود بالنامصات والمتنمصات في الحديث؟

النامصات هن النساء اللاتي يزلن شعر الحاجب،

أما المتنمصات فهن اللاتي يطلبن من غيرهن فعل ذلك لهن.

7. هل تحريم النمص خاص بالنساء أم يشمل الرجال أيضًا؟

على الرغم من أن الحديث ورد فيه ذكر النساء،

إلا أن بعض العلماء يرون أن علة التحريم، وهي تغيير خلق الله والتجميل المحرم، تشمل الرجال أيضًا.

وبالتالي، يرون أنه لا يجوز للرجل أن ينمص حاجبيه أو شعر وجهه.

8 .ما هي الحالات التي يجوز فيها النمص شرعًا؟

يجوز النمص في حالتين:

الأولى، إذا كان ذلك ضروريًا للعلاج الذي لا يتم إلا بالأخذ من الحاجبين.

الثانية، إذا كان شعر الحاجبين زائدًا زيادة مؤذية أو مشوهة للخلقة بحيث يصل إلى حد التشويه، فحينئذ يجوز تخفيفه بالقدر الذي يزول به التشوه دون تعدي ذلك.

9. هل يجوز تهذيب الحاجبين بأخذ الزائد منهما دون نتف أو ترقيق للحسن؟

يجوز للمرأة شرعًا تهذيب حاجبيها بأخذ الزائد عليهما، خاصة إذا كانا منفّرين أو غير مألوفين، كأن يكون الشعر خارجًا عن حدود منبته أو طويلاً لدرجة إيذاء العين.

هذا لا يعتبر نمصًا محرمًا إذا لم يكن بغرض التدليس أو تغيير الخلقة لية بغرض التجميل المحرم.الأصلية للحسن.

10. ما هي آراء الفقهاء في حكم النمص؟

هناك اختلاف بين الفقهاء في حكم النمص. بعضهم يرى تحريمه مطلقًا (الحنفية، والصحيح من مذهب الحنابلة، وقول عند المالكية والشافعية والظاهرية)، مع استثناءات مثل إزالة الشعر الزائد جدًا أو المشوه. وبعضهم يرى جوازه بإذن الزوج (الحنفية، والشافعية، ووجه عند الحنابلة). بينما يرى المالكية جوازه إلا في حق المرأة التي يحرم عليها الزينة كالمعتدة. دار الإفتاء المصرية ترى جواز تهذيب الحاجبين بأخذ الزائد دون نتف أو ترقيق للحسن.

12. ما هي الحكمة من النهي عن النمص؟

ورد الوعيد الشديد في النمص لسببين رئيسيين:

الأول، ما فيه من الغش والخداع، حيث قد تتزين المرأة بشكل يوهم الآخرين بغير حقيقتها.

الثاني، لما فيه من تغيير لخلقة الله الأص

حكم النّمص, الشريعة الإسلامية, إزالة شعر الحاجب, ترقيق الحاجب, تغيير خلق الله, الحديث النبوي, القرآن الكريم, آية النساء 119, الواشمات, المستوشمات, النامصات, المتنمصات, المتفلجات, اللعن, الكبائر, الضرورة الطبية, علاج التشويه, الشعر المشوّه, حكم النّمص للرجال, آراء العلماء, الحنفية, الحنابلة, المالكية, الشافعية, الغش والخداع, الثقافة الهندية, الثقافة الصينية, الثقافة الغربية, الثقافة العربية, الثقافات الأفريقية, الجمال الطبيعي, الفتاوى, تهذيب الحاجبين, الشعر الزائد, معايير الجمال, تغيير الخلقة, دار الإفتاء المصرية, أسئلة شائعة, هل النّمص حرام, أدلة التحريم, جواز النّمص, النمص في الإسلام, تشويه الخلقة, الأحكام الفقهية, الميكرو بلدينغ, التاتو, الحناء, الين واليانغ, العذراء مريم, الهوية الدينية, طقوس التجميل, الفلسفة الروحية, التوازن الجمالي, قيم اجتماعية, رمزية ثقافية, الفرق بين الجنسين, أحكام الزينة, المعايير الدينية, الثقافات الجماعية, الثقافات الفردية, تنوع الخيارات, احترام الذات.